تحركات ايجابية ضيقة قبل أسبوع حافل بالأحداث الإقتصادية

واصلت الأسواق العالمية مسيرتها الصعودية لكن الصورة اصبحت أكثر تباين بين الأصول إذ تتحرك المخاطر وتتبدّل فيها المواقع بوتيرة سريعة. في وسط المشهد تقف الصفقة التجارية الأميركية اليابانية التي خفّضت التعرفة الجمركية والان كثيرون رأوا الاتفاق نموذجاً يحتذى مع الاتحاد الأوروبي وربما دول أخرى الأمر الذي يفسّر موجة شراء وضوح السياسات الأخيرة.

أسهم عند قمم تاريخية مع عمق محدود

في نيويورك أغلق مؤشر S&P 500 على قمة جديدة قرب 6363 نقطة فيما استمر ناسداك فوق مستوى 23  ألفاً هذا الأسبوع. الزخم استند أساساً إلى نتائج ألفابت بينما كبحت خسائر تسلا وآي بي إم صعود الداو الذي تراجع 0.7  في المئة. القراءة الواضحة أن الأموال ما تزال تتركّز في جيوب تكنولوجية محدودة أكثر مما تنتشر عبر السوق العريضة. في جلسة طوكيو صباح الجمعة هدأت حماسة المشترين إذ تراجع نيكي بشكل طفيف 0.7  في المئة بعد صعود تجاوز خمسة في المئة خلال يومين. العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 تشهد ارتفاع 0.2  في المئة فحسب ما يوحي بأن المستثمرين بدأوا يبنون حواجز حماية تحسباً لتقلب محتمل مع اقتراب مهلة الرسوم في الأول من أغسطس والعديد من الاحداث الاقتصادية الاسبوع المقبل وقمة إعلانات ارباح الشركات.

اما في سوق الدخل الثابت ، عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات ارتفع نقطتين أساس ليقترب من 4.40% فيما صعد عائد السنتين إلى 3.91 % مع إعادة تسعير طفيفة لاحتمال خفض الفائدة في سبتمبر. التثبيت المنتظر في اجتماع الفيدرالي نهاية يوليو يتيح للمتعاملين مراقبة التضخم الفعلي في مقابل أثر التعرفات الجديدة على الأسعار وهو اختبار سوف يرسم منحنى العائد لما تبقى من عام 2025.

وفي مكان اخر ، مؤشر الدولار تماسك قرب 97.5 مع ارتفاع طفيف في العائدات بينما استقر اليورو عند 1.1754 دولار وتداول الين حول 147.30 بعد التقلب الاعلى من المتوسط الذي شهده الين منذ مطلع الاسبوع بعد خسارة رئيس الوزراء ايشيبا المجلس الاعلى في الانتخابات نهاية الاسبوع الماضي ، ومن ثم اعلان الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة.

في سوق الطاقة ، عقود برنت لشهر سبتمبر تقدمت 0.6 % ليقترب السعر من 67 دولار. ثلاثة عوامل تقف خلف الحركة ، أولاً رهان على تعميم هيكل التعرفة البالغ 15 في المئة مع الاتحاد الأوروبي ما يحد من مخاطر الطلب. ثانياً ، تقرير عن خفض روسيا صادرات البنزين خلال أغسطس. ثالثاً سحب أميركي من المخزونات فاق التوقعات وهو ما يعطي تصور بارتفاع الطلب في المستقبل.

الذهب ، من ناحية اخرى ، حافظ على مستوى متوسط ال20 يوم فوق 3360 دولار للأونصة متراجعاً نحو عُشر النقطة المئوية فقط رغم انحسار بعض الطلب التحوطي ،  إذ استفاد من تراجع عام في مؤشر الدولار خلال الأسبوع. المفارقة أن مكاسب الذهب الشهرية البالغة نحو أربعة في المئة رافقتها عوائد حقيقية شبه مستقرة ما يشير إلى أن السوق لا ترى في الأفق سيناريو تضخم خارج السيطرة لكنها تشتري مركز تحوطي إضافياً ، لا ننسى ان موضوع الفيدرالي واستقلاله لا يزال حاضر في الخلفية.

مؤشر التقلب عند قاع خمسة أشهر بشكل مثير للاهتمام. المعنويات الإيجابية انعكست في سوق الخيارات حيث هبط مؤشر VIX إلى أدنى مستوى في خمسة أشهر عند 11.3. قد يكون هذا بفعل العوامل الموسمية واجازات الصيف ، ومع جدول أحداث كثيف يتضمن مهلة الرسوم والاجتماع الفيدرالي وموسم أرباح شركات التكنولوجيا العملاقة يبدو تسعير المخاطرة رخيصاً نسبياً لمن يرغب في حماية منخفضة الدلتا تحسباً لانعكاس سريع في المزاج.

صفقة واشنطن وطوكيو نموذج يُختبر عالمياً

جوهر الاهتمام يبقى هيكل التعرفة الجديد الذي خفّض معظم الرسوم بين البلدين إلى 15 في المئة. هذا المستوى يظل مرتفعاً تاريخياً لكنه يوفر خط أساس واضحاً بعد فترة من ضبابية الحروب التجارية. التعهّد الياباني بشراء طاقة أميركية بمعاملة تفضيلية يخلق طلباً مضموناً للغاز المسال الأمر الذي يساعد على تماسك أسعار الطاقة رغم ضعف الطلب الآسيوي الموسمي. الأكثر أهمية أن الصفقة لا تعيش في فراغ إذ تستشهد بروكسل وسيول صراحة بمبدأ 15 في المئة كإطار تفاوضي على الرغم من تعقيدات أكبر في حالة الاتحاد الأوروبي. إذا انزلقت هذه المفاوضات من خط السلاسة فقد تعيد أسواق المال تسعير علاوة المخاطر الجيوسياسية نزولاً ما يفتح الباب لتمديد دورة الصعود وإن كان بعمق أقل.

ما ينتظرنا: أسبوع الأرباح الثقيلة وعقدة الرسوم

نحو 39% من وزن السوق سيعلن النتائج. مايكروسوفت وميتا في الثلاثين من يوليو ثم أبل وأمازون في الحادي والثلاثين من يوليو تمثّل مجتمعة 39 في المئة من القيمة السوقية لمؤشر S&P 500 المفاجأت السلبية في هوامش الحوسبة السحابية أو عوائد الإعلانات قد تعيد تسعير معامل الربحية المرتفع حالياً

اجتماع الفيدرالي سيتابع المتعاملون بيان المخاطر أكثر من القرار نفسه إذ يحاول جيروم باول الموازنة بين ضغوط البيت الأبيض لخفض الفائدة وإشارات الاقتصاد الحقيقي. لا توقعات بخفض الفائدة ولكن التصورت على الخفض بأكثر من عضوين قد يشكل اعاده تسعير في منحنى العائد.

مهلة الرسوم في الأول من أغسطس حيث إعلان جداول التعرفة على الاتحاد الأوروبي سوف يحدد ما إذا كانت الأسواق ستبقى في منطقة التفاؤل أم تتحول إلى الحذر.

بشكل مختصر ، قمم الأسهم مع هبوط VIX وثبات الذهب فوق 3300 دولار تعكس تسعيرة مخاطر أكثر استقراراً مما يوحي به عدد الأحداث المعلقة في الأسبوعين المقبلين. هذا التباين يشير إلى فرص انتقائية مثل خيارات تحوط متوسطة الأجل على المؤشرات التي تتداول عند علاوات تاريخياً متدنية قياساً إلى التذبذب المحقق  ، في حين تقدم فروق العائد بين سندات الخزانة والشركات ذات الدرجة الاستثمارية عائداً إضافياً جذاباً نسبياً.

ولكن صيف الأسواق الهادئ غالباً ما يخفي مفاجآت في أغسطس. بهذه النظرة الجديدة تتكامل رواية الصفقة الأميركية اليابانية مع حركة الأصول الأوسع لنقف أمام لوحة أسواق تتقدم على أرضية غير متجانسة ، حيث يعيد المستثمرون تقييم البيانات القادمة الاسبوع المقبل قبل توسيع مراكز المخاطرة او تقليصها.